.................. الأعجوبة العظيمة .......................
....... التي صنعتها السيده العذراء بكنيسه مدينه اتريب ....
الجزء الاول ......
لما تولي المأمون الخلافه عوضا عن ابيه هرون الرشيد كان في ابتداء ملكه معاندا للمؤمنين بالسيد المسيح مضطهدا و مطاردا لهم كما كان شاول الطرسوسي مطاردا للكنيسه و مضطهدا لشعبها و كان هذا الخليفه انتدب من خواصه اميرا
كبيرا و بصحبته قوه عظيمه من الفرسان الاقوياء و ارسلهم الي ديار مصر ليهدموا
الكنائس التي بها و كانت شده عظيمه علي المؤمنين بسبب ذلك و لما وصل الأمير الي الديار المصريه ابتدأ ان يهدم الكنائس في كل مكان و هو يجول القري و المدن الي ان اتي الي مدينه اتريب الواقعه شرقي بنها و نزل بها و نصبوا له الخيام ليستريح و كان بها كنيسه عظيمه علي اسم السيده العذراء مرتمريم و هي اول كنيسه بنيت لها بالديار المصريه و كان لها اربعه ابواب في داخلها اسطوانات و بين كل اسطوانه و اخري اربعون ذراعا و كان فيها مايه و ستون عمود رخام ابيض و الارض مفروشه بالرخام الملون و كانت الاسكنه و الامبل مرصعه بالذهب و الفضه و كان فيها اربعه و عشرون هيكلا منقوشا و كانت ايقونه السيده العذراء موضوعه داخل مقصوره مصنوعه من العاج و الابنوس و مرصعه بالجواهر و الفصوص الثمينه
و عليها قطعه حرير قسطنطيني منسوج عليها صوره السيدة العذراء و الملاكين عن يمينها و يسارها بغايه الجمال و قدامها قناديل ذهب و فضه موقده ليلا و نهارا و كان لهذه الكنيسة كاهن اسمه يوحنا كان بتولا مباركا قديسا وديعا مواظبا علي الصلاه و الصوم و رفع القرابين ملازما لخدمه الكنيسه رحوما متواضعا كثير المحبه مرضيا الله في جميع اعماله فلما بلغ القسيس المذكور و اهل البيعه خبر الامير و ما حضر لأجله حزنوا كثيرا فتقوي رئيسهم بالروح القدس و قام للوقت و صلي للرب و طلب المعونه من السيده العذراء ثم مضي نحو الأمير و تقدم الي خيمته فلما رآه الغلمان قالوا له ما حاجتك يا راهب فقال القسيس المبارك اريد الأمير فأستأذنوه فأمر بدخوله و عند وصوله خاطبه بقوله يا مولاي الأمير اريد ان اعلمك بأمر علي انفراد فأمر الحاضرين بالخروج فقاموا للوقت و لم يبق غير الامير و جليسه فقال القسيس يا مولاي الامير سمعت انك حضرت لهدم الكنائس و انا اقصد فضلك و عميم احسانك ان تتفضل و تنظر هذه الكنيسه قبل ان تأمر بهدمها لأنها أول كنيسه بنيت علي اسم السيده العذراء في ديار مصر فقال جليس الامير ان
كلام هذا الراهب فيه معني و لا بأس ان تقوم و تنظر هذه الكنيسه علي سبيل التنزه و الفرجه فقام الامير و جليسه و القسيس يتقدمها الي الكنيسه فلما ابصرها تعجب من حسن منظرها و زينتها و زخارفها فقالا له ان هذه كنيسه عظيمه جدا و لكنا امرنا بشئ لا نقدر علي مخالفته البته فقال القسيس صدقت يا مولاي فيما قلت لكن اريد ان اقول لك شيئا فقال له الامير قل ما شئت فقال القسيس اريد منك ان تمهلني بابقاء الكنيسه ثلاثه ايام و لك في كل يوم مئه دينار فاذا لم تصلك مكاتبه من الخليفه فافعل بها ما شئت فلما سمع الامير كلام القسيس ضحك عليه و قال له ان بيننا و بين مدينه بغداد من هذا المكان شهرين ذهابا و شهرين ايابا فتكون المده اربعه شهور فما تقوله لا يصدقه عاقل و لا يتحدث به لابتعاده عن الصواب كثيرا فأجابه الجليس بقوله سيدي الامير ما علينا ان وافقنا علي طلبه
فنأخذ منه الثلثمائه دينار لسد حاجتنا مع علمنا بأن ما قاله لا يتم البته لابتعاد المسافه بعدا شاسعا و بذا نكون قد أرضيناه من جهه و انتفعنا بالمال من جهه اخري فوافق الأمير علي ذلك و خاطب القسيس يوحنا بقوله نحن نوافقك علي طلبك و لا نخالفك ابدا فقال له القس يوحنا اريد ان تعاهدني أمام ايقونه السيده العذراء بأنك لا تخرج عما تقرر بيننا فتعاهدوا علي ذلك و خرج الأمير و جليسه من الكنيسه و هما يستهزئان به
.............
الجزء الثاني ....
ثم قال القس يوحنا لأصحابه امضوا و أغلقوا باب الكنيسه و لا تفتقدوني الا بعد ثلاثه ايام ففعلوا كما قال لهم و اغلقوا عليه ابواب الكنيسه و مضوا فما كان منه الا انه تقوي بالروح القدس و انتصب للصلاه امام ايقونه السيده العذراء و قدم الطلبه الي الله ببكاء مر متشفعا بوالدته قائلا يا سيدتي يا حنونه يا بتول يا مرتمريم هذا وقت شفاعتك و اظهار عجائبك لا تتخلي عن كنيستك المقدسه لئلا يضحك الأعداء و يهزأوا بنا اسألك ان تسألي ابنك الحبيب ربنا يسوع المسيح ان يتحنن علي مسكنتنا نحن المؤمنين باسمه و يظهر قوته في ابقاء هذه الكنيسه سالمه بشفاعتك ايتها الخدر الملوكي و لم يزل القس يوحنا مواظبا علي الصلاه و الطلبه واقفا علي قدميه صائما لم يذق شيئا الي كمال الثلاثه ايام فنظر الرب الي قوه ايمانه و لم يخيب طلبه و في الليله الثالثه قبل ان يشرق النور و هو منتصب للصلاه امام ايقونه السيده العذراء كلمته الطاهره من الايقونه و قالت له ابشر ايها القديس فقد وردت مكاتبه الخليفه الي الامير بأبقاء هذه الكنيسه و بقيه الكنائس فتقو بالرب و لا تخف ففرح القس فرحا عظيما و سجد للرب شاكرا و تقدم الي الايقونه و شكر السيده العذراء و أما الامير فانه كان في تلك الليله نائما في خيمته فانتبه قرب الصباح و جلس و امر بأيقاد شمعه و لم يشعر الا و طائر ابيض قد رمي بطاقه في حجره و غاب لوقته و الخيمه مقفوله فتحير كثيرا و اخذ البطاقه و فتحها و تأملها فاذا هي بخط الخليفه المأمون مؤرخه في تلك الساعه عينها و فيها مكتوب
......
الجزء الثالث ...
و قد تضمن المكتوب الاتي :::::::::نعلم الأمير الأجل ان ساعه وصول هذه البطاقه اليك تبادر بالحضور الينا سريعا بدون تأخير و الحذر ثم الحذر من ان تتعرض للكنيسه التي بمدينه اتريب و لا لبقيه الكنائس التي سبق ان امرناك بهدمها ...فتعجب الأمير غايه العجب و استدعي جليسه و أطلعه علي البطاقه و عرفه بما قد رآه من الطائر الابيض فاستغرب الأمر جدا و امر الأمير ان يأتوا اليه بالقس يوحنا فلما حضر بين يديه استقبله بفرح عظيم و اجلسه بجانبه و قال له عرفني اين كنت من حين ان فارقناك فقال له القس كنت في الكنيسه اطلب الي الله ان يتحنن علينا بابقاء هذه الكنيسه و في هذا الوقت كلمتني السيده العذراء من ايقونتها و قالت لي بانه قد وصل خطاب من مولاي الامير الخليفه بابقاء هذه الكنيسه فشكرت الله علي ذلك فقال له الامير نعم وصل لي في هذا الوقت طير حمام ابيض و لم اعلم من اي جهه اتي و لا من اي جهه خرج و من الان ايها القس قد عرفت و تحققت ان شفاعه السيده الحنون العذراء مرتمريم مقبوله لأن الخليفه قد امرني ان امضي اليه و لا اتعرض لهذه الكنيسه و لا بقيه الكنائس الطاهره مرتمريم العذراء ان تكون لي عونا في طريقي و قام لوقته مع القس يوحنا و دخل الكنيسه و تشفع الي السيده كي تحرسه سالما حتي يصل مدينته و تعينه كل ايام حياته و دفع الي القس المال المأخوذه منه و زاده مئه دينار من ماله الخاص اكراما للسيده العذراء و اخيرا ودعه و مضي قاصدا العوده الي مدينه بغداد فأمر جنده و حاشيته بالاستعداد للرحيل و الدهشه تملأه من حصول هذه الأعجوبه العظيمه و هو يسبح الله القادر علي كل شئ . ثم قام يصحبه جنوده و مازالوا سائرين حتي وصلوا بغداد سالمين و بعد ان استراحوا قام الأمير و سلم علي الخليفه ففرح بقدومه معافي و خاطبه قائلا هل وصلت اليك بطاقتنا قال نعم فأجابه صحبه من قال مع طائر ابيض في تاريخ تحريرها تماما الأمر الذي ادهشني غير اني يا مولاي اود ان تقضي حقيقه الحال فابتدأ الخليفه يقول له انني قبل ان اكتب لك تلك البطاقه بثلاثه ايام حال ما كنت مضطجعا في منتصف الليله المذكوره رأيت نورا عظيما يفوق الشمس و القمر اضعافا حيث اضاء غرفتي و سمعت صوت تسبيح و تهليل فاندهشت و قلت ما هذا فتخيل لي شبه شخص من نور و قال لي الا تعلم ان سبب ذلك كله هو مجئ السيده مريم العذراء والده الاله فقم و اسجد لها و اطلب معونتها فقمت مذعورا و سجدت فجاءني الصوت من قبلها و هو يقول من اذن لك ان تعتدي علي كنيستي التي في مدينه اتريب و بقيه البيع الكائنه بالديار المصريه و تأمر بهدمها فأجبت اني اجهل ما افعل فأجابني الصوت قائلا قم و اكتب كتابا الي الامير في مصر ان يبقي كنيستي التي في مدينه اتريب و بقيه كنائس المسيحيين و الا ينالك شديد الضرر من قبلي فوعدت باتمام ذلك و لما كان صباح ذلك اليوم اهملت الامر و لم افكر فيه حتي المساء فلما اضطجعت حسب عادتي ظهرت لي في منتصف الليل السيده العذراء و شددت علي الانذار فوعدتها و لكني توانيت لمشغوليتي ثم رأيت تلك الرؤيا بعينها فقمت مذعورا لأن العذراء كلمتني بشده قائله قم اكتب كتابا الي الامير بعودته حالا فأجابتها و اذا كتبت فمن الذي يوصله و المسافه بعيده جدا فقالت اكتب انت و انا عندي من يمضي به اليه و للوقت كتبت تلك البطاقه التي رأيتها و بعد ختمها رأيت طائر ابيض اختطفها مني و تحققت قوه السيده العذراءايها الامير و اني اسأل الله بشفاعتها ان تساعدني في بناء كنيسه لها بجانب قصري ليصلي فيها النصاري و قد تم ما طلبه الخليفه من بناء البيعه و ظهرت فيها عجائب و آيات كثيره
...........
شفاعة السيدة العذراء تكون معنا جميعاً