القمص يوسف حنا كاهن كنيسة الشهيد العظيم أبو سيفين بالمهندسين
٢٧ أغسطس ٢٠١٤
مع ارتفاع أسعار البنزين، زاد التذمر بين أفراد الشعب.. والتذمر معناه أنك لا ترى إلا النقط السوداء التى فى وسط الصفحة البيضاء، فالكنيسة تصلى من أجل الغلاء والوباء والفناء.. ولكن الغلاء شئ طبيعى بسبب زيادة السكان -فغير الطبيعى هو زيادة السكان بطريقة مبهرة، أما الطبيعى والمنطقى فهو زيادة الأسعار- وللأسف نحن نعمل على زيادة السكان وبها نتعب الدولة.. ونتذمر على زيادة الأسعار رغم أنها منطقية..
فالتذمر سلوك ردئ.. نراه مع الشعب الإسرائيلى وموسى النبى، إذ كان الشعب الإسرائيلى فى مصر مذلولاً فتذمر وصرخ إلى الله، فأرسل لهم موسى، الذى أخرجهم بذراع رفيعة من أرض مصر، فتذمروا على موسى أكثر من عشر مرات.. حتى إن الله قرر أن هذا الشعب المتذمر -الذى لا يحلم إلا بكرات مصر والجلوس بجوار قدور اللحم- لا يدخل أرض الموعد بسبب تذمره.. ونسى الكرباج الذى كان مرسوماً على ظهره بسبب الذل والمهانة.
المتذمر لا يرى إلا النقط السوداء وينسى الصفحات البيضاء..
المتذمر يتذكر أيام المرض وينسى سنوات الصحة والعافية..
المتذمر يتذكر أيام الأزمات وينسى أيام الرخاء والسعادة..
عزيزى.. المتذمر لا يرى إلا النصف الفارغ فى كوب الماء، أما الشاكر والمؤمن فيشكران الله على النصف الملآن من الكوب..
تقول للجاهل: “اشكر الله”، يقول لك: “على أيه أشكره”.. “ياعم أشكره على أنه خلقك إنسان وليس حيوان أعجم، وزينك بالعقل دون سائر المخلوقات، وأعطاك صورته، ومنحك عربون الحياة الأبدية”..
أنت -الإنسان- مخلوق سمائى، وليس مخلوقاً للأرض، لذلك من حقك أن ترفع بصرك إلى السماء، وتقول: “أبانا الذى فى السموات”.
هناك من يدرك قيمته، وأنه هيكل للروح القدس يسكن فيه، وأنه من أنفاس الله، لذلك لا يسود عليه الموت كسائر المخلوقات “فليس موتاً لعبيدك” لكنه انحلال، إذ يعود الجسد إلى التراب الذى أخذ منه، أما الروح فتعود إلى الله باعثها وأصلها..
إن حفظت الوصايا صرت لله أخاً وأختاً وأماً..
إن حفظت الوصايا صرت خليلا لله كإبراهيم، وشفيعاً لأجل سدوم وعامورة..
إن حفظت الوصايا سينزل الله من علو سمائه ويدخل معك إلى جُب الأسود وأتون النار، وسيحفظك وسط طوفان العالم، وإن أخطات وحاولت الهرب منه فعنايته بك تلاحقك كيونان النبى، ولا يدعك للهلاك.. فقد يؤدبك لأنه يحبك، وكما قالها داود: “أن أقع فى يد الرب خير من أقع فى يد إنسان، حتى لو كان هذا الإنسان هو أنا”.. لأنه القائل: “الأم المرضع قد تنسى طفلها أما أنا فلا أنساكم”.