عاش هذا الرجل مع زوجته في حياة هادئة. كانت الزوجة مرتبطة جدًّا بالكنيسة تواظب على حضور الخدم الكنسيّة، لتتمتّع بصلواتها وتتناول من أسرارها، أمّا الزوج، فكان رجل أعمال مبتعدًا تمامًا عن الكنيسة. حاولت الزوجة أن تشجّعه ليحضر القدّاس الإلهي، ويشترك في المناولة الإلهيّة، فكان يرفض، وحتّى الصلوات وقراءة الكتاب المقدّس داخل البيت كان ينسحب منها متعلّلاً بألف سبب وسبب، فاستمرّت الزوجة تصلّي من أجله.
تعرّض الزوج لمشكلة في عمله هدّدته بخسارة معظم أمواله، فاضطرب، وحاول حلّ المشكلة بكلّ الطرق، فعجز عن ذلك، وكانت زوجته تصلّي ليتدخّل الله ويحلّ مشاكل زوجها. أثناء ذلك عرضت على زوجها التناول من الأسرار المقدّسة والاعتراف فرفض. وبما أنّ إيمانها بالله كان قويًّا، بأنّه لن يتركه في هذا الإهمال حتّى النهاية، لم تيأس، بل عرضت عليه الذهاب معها إلى الكنيسة للصلاة إلى الله من أجل مشكلته، فوافق. دخل الرجل إلى الكنيسة مع زوجته، ووقف أمام أيقونة السيّدة العذراء التي تحمل طفلها يسوع على يدها، وأخذ يصلّي ويتضرّع إلى المسيح والعذراء التدخّل لحلّ مشاكله، وفيما هو يصلّي بحرارة، فوجئ بالدم ينزف من الأيقونة. تعجّب جدًّا، وأسرع فأخرج منديله ليلتقط الدم حتّى لا يسقط على الأرض، ولكنّه فوجئ، للمرّة الثانية، بيد المسيح تخرج من الأيقونة، لتلمس يده بلطف وحنان، وتربّت عليها. تجمّد الرجل في مكانه، وقد أحسّ بالفرح والرهبة معًا. وأحسّ، في الوقت نفسه، أنّ المسيح يقول له: "أنا متّ على الصليب من أجلك، ودمي سال ليحرّرك من خطاياك". شعر الزوج بحنان الله واهتمامه الشخصيّ به، فتحرّكت مشاعر التوبة داخله، وعزم على الرجوع بكلّ قلبه إلى الله. تعجّبت الزوجة التي كانت تقف إلى جواره لإخراجه منديله، إذ لم تر شيئًا ممّا حدث معه، وسألته عن السبب، فبعد فترة صمت أخبرها بكلّ ما رآه ففرحت جدًّا وأخذت تصلّي بخشوع أمام الأيقونة.
طلب الرجل أن يقابل أحد الكهنة، وبدأ يمارس سرّ الاعتراف لأوّل مرّة، ثمّ تناول من الأسرار المقدّسة. وهكذا بدأت علاقته بالله، وبدأ يمارس الصلوات وقراءة الكتب الإلهيّة وبخاصّة الكتاب المقدّس، كما أخذ يواظب على الأصوام والاشتراك بالقدّاس الإلهي. لقد شعر أنّ الله هو الذي يبحث عنه، وإنّه لا فرح ولا طمأنينة بعيدًا عنه، كما شعر بيد الله تبارك عمله، وتحلّ مشاكله تدريجيًّا.
انتبهوا، يا أحبّاءنا، قد يجعلكم الربّ تصادفون في طريقكم بعض المشاكل والضيقات، لكي تقتربوا إليه وتطلبوا منه حلّ مشاكلكم، فتعرفونه وتكتشفون أنّ حياتكم لن تكون سعيدة إلاّ عندما تكون بين يديه.