الشباب وحياة العف والطهاره
أبونا بولس جورج
كيف يحيا الشاب / الفتاة حياة العفة والطهارة
هناك حكمة تقول "الوقاية خير من العلاج".
و الوقاية تتم قبل دخول المرض إلى جسم الانسان، أما لو دخل الميكروب فى الجسم سيحتاج الانسان علاج.
لذلك فنحن نبدأ فى حياة العفة و الطهارة بالوقاية قبل دخول الميكروب (فساد الفكر و الجسد)،
و ذلك يتم عن طريقين:
1- طريق الهروب:يقول المثل الشعبى "الجرى نص الجدعنة"
- و الهروب فى الحياة الروحية كل الجدعنة. و هذا ليس خوفاً و لكنه قوة.
لسنا أقوى من داود النبى الذى كان يوحى إليه الروح القدس بالمزامير التى يرنمها.
هذا المرنم الذى قال عنه الله أن قلب داود حسب قلبه لم يهرب من شهوة النظر، فنظر إلى إمرأة أوريا الحثى، و النظرة قادت إلى خدعة، و الخدعة إلى جريمتى قتل و زنا.
لذلك يجب أن نهرب من الخطية لأننا لسنا أقوى من داود، و لسنا أقوى من شمشون الذى ضرب مئات من الفلسطينيين و الذى سقط بسبب الأخذ و الرد مع دليلة حتى إستهتر بحماية الله له فى المرات التى تسبق سقوطه فأفصح لها عن سر قوته و سقط ذليلاً فى يد الفلسطينيين.
فالخطية "طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها اقوياء"
( أم 7 : 26 ).
يقول الكتاب المقدس
"اهرب لحياتك . لا تنظر الى ورائك ولا تقف في كل الدائرة" (تك 19 : 17)
- أى لا تدخل إلى الشر و أنت تظن إنك أقوى منه، لا تتفرس فى صور و أغانى خليعة و تقول أنك أقوى منها، لا تشاهد أفلاماً أو مواقع إباحية و أنت توهم نفسك بأن هذا على سبيل حب الاستطلاع و الفضول و أنك قادر على الحفاظ على فكرك طاهراً.
يقول سفر الأمثال
"أيأخذ انسان نارا في حضنه ولا تحترق ثيابه؟! او يمشي انسان على الجمر ولا تكتوي رجلاه؟!"( أم 6 : 27 ، 28 ).
عند حصار قائد جيوش سنحاريب ملك آشور لمدينة أور شليم و محاولته إستمالة شعب إسرائيل إليه بالتهديد مرة و الوعيد مرة فى عهد حزقيا الملك نرى أن أوامر حزقيا صدرت للشعب بعدم الرد على قائد الجيش بشئ (2 مل 18 : 36 ).
لأن الأخذ و الرد مع الشيطان يعطى مجالاً للحروب الروحية، أما الهروب فيقفل الأبواب فى وجه الشيطان و يجعله لا يجد الفرصة للمحاربة.
لعلنا نتحجج بكثرة الحروب التى تصادفنا كل يوم فى الشارع و التليفزيون و الانترنت من مناظر و مواقع جنسية و إباحية.
و لكن هل كل هذا يمثل شئ بالنسبة لحرب ضد الطهارة و العفة تشنها إمرأة رئيس الشرطة على شاب يخدم فى القصر و لا يوجد من رقيب،
و الاختيار ما بين العفة أو السجن؟!
إن من أفضل الأمثلة على الهروب من أجل العفة يوسف الصديق الذى كان شاباً، حسن الطلعة، فى عنفوان شبابه و فى سن حرجة، الذى كان يحارب جسم الجريمة - و ليس صور و مناظر فقط.
و لقد كان يوسف فى وضع حرج جداً لأنه مطرود من إخوته الذين باعوه، و يعمل كخادم فى بيت رئيس الشرط، و البيت خاوى إلا منه و من زوجة فوطيفار.
إلا إنه إستطاع أن يحفظ عفته بالهروب من تذكار الشر الملبس الموت.
لذلك فبولس الرسول ينصح تيموثاوس - و هو أسقف و ليس شابا عادياً - و يقول له
"اما الشهوات الشبابية فاهرب منها"( 2 تى 2 : 22 ).
و نرى الوحى الإلهى لا ينصح بمواجهة الشهوات الشبابية، أو بمقاومتها، أو بالانتصار عليها - بل يبدأ من الأساس و يقول (إهرب)
إذ أن الوقاية خير من العلاج.
لذلك فالجهاد الأول فى العفة هو جهاد الهروب. و المثل الشعبى يقول "ما يقع إلا الشاطر".
الهروب أيضاً ليس من الخطية الظاهرة - بل من الخطية التى تأتى متزينة بزى الفضيلة.
مثل شاب متفوق تقصده فتاة محتاجة لدروس تقوية فى مادة ما و بذلك يضطر أن يختلى بها ليساعدها على الاستذكار.
هذه الحرب تأتى فى شكل إشفاق و مساعدة و عمل رحمة، بينما هى ذئاب فى ثياب حملان.
أو مثل شابة تعرضت لتجربة عاطفية أو مشكلة عائلية فتلجأ لشاب تثق فيه لتبثه همومها و تفرغ ما فى قلبها من ضيق لديه لأن الله أنعم عليه بالحكمة و المشورة الحسنة.
لذلك فالكنيسة تؤمن بالوقاية التى هى خير من العلاج، و تدقق فى هذه الأمور كثيراً
فنراها تلزم فى الانشطة المختلطة وجود خادم و خادمة، و تحذر الخادم من التساهل فى التعامل مع البنات، و تلزمه بإرسال أى فتاة لديها مشكلة إلى خادمة و ذلك لأن الخادمة تشعر أكثر بما تشعر به الفتاة، و كذلك لتقى الخادم و الفتاة من أى فرصة للحروب الشيطانية التى تأتى فى ثياب الحملان.
الهروب ليس فقط من الخطايا أو أشباه الخطايا - بل بالحرى من منبت الخطية و هو الفكر.
فالخطية لا تولد خطية و إنما تبدأ بفكرة.
النبتة الفاسدة من الأسهل إقتلاعها و هى بعد صغيرة، أما لو كبرت و إستفحلت فاقتلاعها صعب جداً.
2- طريق الجهاد و الإمتلاءماذا يعنى الامتلاء؟!
الامتلاء يعنى شغل و ملء الوقت، و لا يترك الانسان نفسه بلا شئ مفيد يعمله.
فالانسان الذى لديه وقت فراغ كبير لديه وقت كبير لحروب الفكر،
فالقكر يعمل حينما الجسد يتوقف عن العمل.
فالراهب لا يعيش حياة عشوائية على أساس أنه متفرغ للتأمل و الصلاة فقط.
لذلك فالراهب حتى ينجح فى الحروب الروحية يجب أن يكون له قانون فيأكل بمقدار معين، و يصلى بمقدار معين، و يعمل بيديه بمقدار معين.
لذلك يجب أن نملأ كل دقيقة فى حياتنا بعمل إيجابى لأن الدقيقة الفارغة هى دقيقة الحظ للشيطان و التى ينتظرها بفارغ الصبر.
فى حديث لقداسة البابا شنودة الثالث مع إحدى القنوات الفضائية أجاب عن سؤال
"ماذا تفعل فى وقت فراغك؟"
قائلاً: أنا عمرى 75 سنة و لا أعرف ماذا تعنى كلمة وقت الفراغ.إن قداسته لم يترك فرصة للشيطان يحاربه بشغل وقته.
كذلك الامتلاء يعنى الامتلاء من الله بالقراءة و الصلاة و التناول.
فالذى يتناول و يقرأ و يصلى ليس لديه وقت ليقع فى الخطية سواء بالفكر أو بالفعل.
فى إحدى العظات يقول أحد الكهنة:
أسفل الوسادة يوجد شيئين ينتظرانك قبل النوم.
إما إنجيل لتطهير الفكر، أو أفكار شيطانية لتنجيسه.
فقراءة الكتاب المقدس قبل النوم تطهر الفكر قبل النوم، و تبحر إلى العقل الباطن الذى يستدعيها فى شكل أحلام.
أما الذى يترك نفسه للأفكار النجسة لتتغلغل فى أعماق عقله الباطن فهو الذى يسقط فى الخطايا الشبابية الناتج عن أحلام نجسة.
الإناء المملوء يقف فى وجه الريح، أما الاناء الفارغ فتهزه أقل ريح.
فماذا يملأ فكرك؟
الأغانى و الأفلام و الفيديو كليب و الصور الخليعة،
أو الله هو الذى يملأ فكرك و يقدسه؟!