إلحق نفسك قبل فوات الأوان
تمر الأيام ، والشهور والأعوام من العمر، ونحن نؤجل التوبة والعودة الى أحضان أبينا السماوي ، ونتعلل بالاعذارالواهية ، ونخدع أنفسنا بالقول انه ما زال الوقتفي صالحنا ،وغدا نذهب للاعتراف والتوبة والتناول من الأسرار المقدسة ، فما زال في العمر، بقية أو هكذا توحي الينا نفوسنا ، أو هكذا يلقي في أذهاننا عدو الخير حتى يمنعنا من الافلات من قبضته لنظل من أتباعه وتحت سيطرته ، يقودنا الى حيثما شاء، وتمضي الأيام ، والشهور والأعوام باستمرار، وبلا توقف ونحن نؤجل العودة ، وفجأة وفي وقت لا نحسب له حسابا ، تأتي الساعة التي نغادر فيها هذه الفانية ونحن ما زلنا نتبع أهوائنا وشهواتنا ،  فنندم على العمر الذي مضى وأهدرناه دون أن نحسب حسابا لابديتنا ، ولكن ، فماذا يفيدنا الندم بعد العدم !!
وقد كان لدينا متسع من الوقت والعمر بأكمله ، والرب له المجد من رحمته بالانسان انه اعطاه الكثير من الوقت والفرص للتوبة ، لأنه يريد أن جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون ، ولكن الانسان لجهله وسيطرة عدو الخير عليه ، يستهين بغنى لطف الله وامهاله وطول أناته ، غيرعالم أن لطف الله انما يقتاده الى التوبة .
هل مسرة أسر بموت الشرير يقول الرب الا برجوعه عن طرقه فيحيا ؟ ( حز 18 : 23 ) ، فيقابل طول الأناة هذا واللطف والامهال بعدم التوبة وبعدم الرجوع بالإمعان في ارتكاب الخطايا  فيستمر في استهانته وهو بذلك يشتري لنفسه دينونة أعظم ، فيتحقق فيه قول الرسول بولس في رسالته لأهل رومية (2: 5 ) ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضبا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة ) وهو في ذلك مستهينا بالوقت ،غير حاسب ان الوقت ليس في صالحه وأن العمر سوف ينتهي ان عاجلا أو آجلا ، فيأتي وقت مغادرة دنيانا الفانية وقد فقدنا أبديتنا ولا عذر لنا ( أنت بلا عذر أيها الأنسان ) ونحن في الواقع نكون قد فقدنا وخسرنا أبديتنا مع ملك الملوك ورب الأرباب ، خسرنا أبديتنا مع الملائكة والقديسين ، وفي الجانب الآخر نكون قد حكمنا على أنفسنا بقضاء أبديتنا مع عدو الخير في بحيرة النار والكبريت ، حيث البكاء وصرير الأسنان ، وحيث نارهم لا تطفأ ودودهم  لا يموت ، فهل نقبل بهذا الوضع ، نحن أبناء الله الذين افتدانا واشترانا بدمه الطاهرليعيدنا الى صورتنا الأولى التي خلقنا عليها ؟
ولكن لا زالت أمامنا الفرصة للتوبة اليوم ، واليوم قبل الغد ، يوم خلاص ويقول الكتاب : ( اليوم ان سمتعم صوته فلا تقسوا قلوبكم  ) فلنذهب اليه وسوف نجده يرحب بنا فاتحا ذراعيه يستقبلنابالبشر و الترحاب متغاضيا عن أزمنة الجهل ماحيا خطايانا ، مطهرنا من أدران آثامنا قائلا : ( من يقبل الى لا أخرجه خارجا ) فلنقبل دعوته الكريمة لنا ونأتي اليه ونخصص أنفسنا له منكرين كل شيء ( حتى نفوسنا أيضا ) ( لوقا 14 : 26 ) كما يقول الانجيل ونحبه وحده وليس شيء آخر معه مقتدين به في قداسته وطهارته ، ونقائه ومحبته ، وتسامحه وغفرانه ،  ولنقبل اليه اليوم ، لا بل الآن قبل أن يفوت الوقت حيث لا ينفع الندم . ٍ
منقول