السيِّد المسيح
=======
أمَّا المعاني الروحيَّة الَّتي تربط بين السمك والسيِّد المسيح فكثيرة، نذكر منها الآتي:
++ السمك حيوان ولكنَّه لا يلد كالحيوانات إنَّما يبيض كالطيور، ولهذا فهو يجمع بين طبيعتي الطيور السمائيَّة والحيوانات الأرضِيَّة، وفى هذا إشارة إلى السيِّد المسيح، الَّذي له طبيعة واحدة من طبيعتين، إحداهما سمائيَّة (لاهوته) والأُخرى أرضيَّة (ناسوته) " عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ " (1تى16:3).
++ ولو تأمَّلنا طريقة خروج السمك من البيض، لوجدنا أنَّه يُخصَّب من دون اجتماع الذكر بالأُنثى، الَّتي تضع البيض ثم يأتي الذكر ويُلقّحه، وهذا يُشير إلى ولادة المسيح من عذراء لم تعرف رجلاً " أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هَكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ " (مت18:1).
++ إذا خرج السمك من الماء يموت، وبموته يصير طعاماً للإنسان! والمسيح خرج من حضن الآب ونزل إلى أرضنا، ليموت عوضاً عنَّا ويُعطينا جسده لنأكله لنحيا حياة أبديّة " أنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ " (يو51:6).
++ يُعتبر السمك الطعام الوحيد الَّذي لا تمنع أيّ ديانة أكله ميِّتاً ودمه فيه، دون أن يُحسب هذا نجاسة، ودون أن يتعارض مع التعاليم الَّتي تأمر بعدم أكل الدم والمخنوق (أع29:15)، والمسيح وهو في جسم بشريَّته، سمح لنا أن نأكله لحماً ونشربه دماً: " وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: خُذُوا كُلُوا هَذَا هُوَ جَسَدِي، وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ لأَنَّ هَذَا هُوَ دَمِي " (مت26: 26-28).
++ للسمك أُسلوبان في صيده: فقد تمسكه صِنَّارة، أو تقتنصه شبكة، وهذا يُشير إلى عمل المسيح الكرازيّ في جذب النفوس، فكثيراً ما يجذبهم عن طريق العمل الفرديّ (الصِنَّارة) أو الجماعيّ (الشبكة).
++ ولا ننسى أنَّه عن طريق سمكة (حوت) نجا يونان النبيّ، ومرارة سمكة طوبيا أخرجت الشياطين من سارة، وفى هذا إشارة إلى الَّذين خلِصوا بكرازة المسيح، ونجوا من قبضة إبليس وأيضاً إشارة إلى الَّذين أخرج منهم الشياطين.
المـؤمنين
====
وترمز السمكة إلى المؤمنيـن فقد استخدمها المسيح كرمزاً لشعبه إذ قال: " يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ شَبَكَةً مَطْرُوحَةً فِي الْبَحْرِ وَجَامِعَةً مِنْ كُلِّ نَوْعٍ " (مت47:13)، والمقصود بكل نوع هنا: أنواع البشر المختلفة.. كما أكّد له المجد نفس المعنى بقوله لبطرس الرسول: " مِنَ الآنَ تَكُونُ تَصْطَادُ النَّاسَ " (لو10:5)، وفى هذا المعنى قال القدِّيس كيرلُّس الأورشليميّ: إنَّ المسيح يصطادنا بصِنّارة لا ليقتلنا وإنَّما ليُقيمَنا أحياءً بعد الموت.
الإيمـان
===
وقد رمز المسيحيّون القُدامى بالسمك إلى إيمانهم، وكان السمك علامة التعارف بينهم، فالتقليد المُقدَّس يحكي لنا: إن المسيحيّ في عصور الاضطهاد كان عندما يتقابل مع نظيره المسيحيّ، يرسم له رأس ونصف جسم سمكة، فيبادله الآخر برسم نصفها الثانيّ مع ذيلها، فيتعارف الاثنان على أنَّهما مسيحيَّان.